معلومات مفيدة

تاريخ الشاي

من خلال تنقله من الشرق إلى الغرب، لعب الشاي أدواراً مهمة في الساحة العالمية كعلاج صحي قديم و عنصر من عناصر ممارسة الثقافة و مصدر للبصيرة الروحية. تاريخياُ، كان أيضا محفزاُ للصراعات الدولية و سبباُ لأوضاع العمل المريعة. وكان الشاي عبر التاريخ موضوعا سائدا في الفنون البصرية، مشاهد الشاي تزين السيراميك والمنسوجات وهي أيضاُ موضوع لوحات ورسومات، وقد صممت كل أنواع الأوعية لإعداد وتقديم الشاي. التعمق في التاريخ يستحضر لنا السيراميك الصيني النادر والمطبوعات والسيراميك الياباني العائد للقرن الـ 19 و 18 و اللوحات الإنكليزية والأمريكية الرائعة، الصور والوثائق التاريخية العتيقة، المفروشات والأدوات الخاصة بتقديم الشاي من العديد من البلدان، وغير ذلك مما يخبرنا عن تاريخ الشاي الرائع.


الصين، مهد ثقافة الشاي

بعد مقدمة موجزة حول أنواع الشاي، زراعته و إنتاجه، يدرس المعرض الأصول الأسطورية للشاي في تلال جنوب الصين. كان الشاي آنذاك يستخدم كنبات طبي في سلالة زهو (256- 1046 قبل الميلاد). وفي الوقت الذي كتب فيه أول كتاب عن الشاي ( تشاجين) في 780 قبل الميلاد، كان الشاي يزرع على نطاق واسع في جنوب غرب الصين وكان قد ارتقى إلى "إكسير الخلود" في الداوية، كما كان يستخدم كتكريم امبراطوري، و كان يحتفل به في الشعر، و يتمتع به الأدباء، و كان ينقل على ظهور الجمال إلى سهول آسيا الوسطى، ويباع على نواصي الشوارع. على مر العصور، ابتدع الحرفيون الصينيون أنواع من الشاي مبتكرة ومتنوعة بشكل لا محدود ، و هكذا ازدهرت ثقافة الشاي الفنية والمادية. هذا القسم من المعرض يتضمن صورة فخمة رسمت ل (شن نونغ) المخترع الأسطوري للشاي، مجموعة رائعة من أوعية الشاي الخزفية التي يعود تاريخها إلى القرون 8- 13، مخطوطات وألوان مائية والتي توضح تجارة و ثقافة الشاي الصينية ، وبطاقات لمطبوعات فوتوغرافية و التي تصور صنع الشاي في بكين خلال أواخر القرن 19 و أوائل القرن 20.


تشادو- طريق الشاي في اليابان

المقطع التالي من المعرض يستكشف أهمية الشاي الهائلة في اليابان، حيث تم عرضه لأول مرة، جنبا إلى جنب مع البوذية، خلال أوائل فترة هييان (794-1185) من قبل الرهبان الذين سافروا الى الصين لدراسة تشان (زن) البوذية. كان الشاي يشرب في الأديرة وفي بعض الأوساط الأرستقراطية، لكنه لم يكن له دور أكثر بروزا في الفنون والثقافة اليابانية حتى نهاية القرن 12 بعد أن أحضر الراهب البوذي بريست إيساي بودرة الشاي إلى اليابان (المعروفة باسم ماتشا في اليابان) و بعد ذلك انتشر في أغنيات الصين. انتشار شرب الشاي بين الطبقة الأرستقراطية العسكرية والتفاعلات بين النخبة المحاربة وكهنة زن أنتج أحد الأشكال المبدئية من تشانويو والمعروف في الغرب باسم حفل الشاي الياباني. وكان الشاي مركز الثقافة اليابانية بحلول النصف الثاني من فترة إيدو (1615-1868) حيث إن الأدوات والاكسسوارات اليومية ، مثل نتسوكه والمسامير الزخرفية التي كانت تعلق على الأحزمة اليابانية من زنانير الكيمونو، تزين في كثير من الأحيان بالزخارف التي لها صلة بالشاي. أضاف انفتاح اليابان على الغرب في 1850 مواضيع جديدة إلى الفنون ذات الصلة بالشاي وكذلك إلى تطور أواني الشاي المنتجة من أجل الأسواق الغربية. أواني الشاي الفخارية، و أطباق الشاي، والمخطوطات وغيرها من الأدوات الأخرى التي تتعلق بالشاي منذ القرون 10-20 تشهد على التاريخ الطويل والمكان المهم الذي يحتله الشاي في الثقافة اليابانية. غطاء سرير رائع مزين بصور لأواني الشاي والأدوات المبهجة الأخرى يشير إلى مدى تغلغل ثقافة الشاي حتى الأجزاء الشخصية من الحياة اليابانية.


تشادو- طريق الشاي في الياباب

لدى وصول الشاي إلى أوروبا في أوائل القرن السابع عشر، لم يتم تقبّله بسهولة. ومع ذلك انتشرت عادة شرب الشاي بسرعة في هولندا لدى وصول السفن المحمّلة بالواردات من الخزف الصيني والياباني لإعدادها و خدمتها. ومع حلول منتصف القرن السابع عشر كانت الطبقات العليا من المجتمع الأوروبي قد تبنّت المشروبات الغريبة الثلاثة التي تحتوي على الكافيين وهي الشاي والقهوة والشوكولا. وتدريجيا أصبحت أسعار هذه السلع معقولة بشكل مكن من انتشارها لدى كافة طبقات الشعب. كما شاع نظام شرب الشاي وتطور نحو الكمال، وسعى العديد من الفنانين والمسوّقين إلى إيجاد تجهيزات كمالية للشاي وأصبحت هذه الكماليات رموزا للوضع. فتم مثلا تصميم الأثاث بشكل خاص لشاي بعد الظهر. كما هو الحال في اللوحة التي تم رسمها حوالي عام 1680 وتظهر حامل ثلاثي القوائم أنيق فرنسي الصنع ومشهد شرب الشاي. وانطلقت صناعة الخزف الأوروبي بعد أن تم اكتشاف سر الخزف الصيني في ألمانيا عام 1708 بعد أن بقي سر صناعة الخزف الصيني طي الكتمان لمدة طويلة. ويضم المعرض العديد من أكواب الشاي الإنكليزية المبتكرة، الأطقم والعلب وكذلك أعمال على الورق ولوحات تظهر وضع الشاي في أوروبا. وقد وصل الشاي إلى القارة الأمريكية عن طريق الهولنديين وانتشرت عادة شرب الشاي بشكل سريع في المستعمرات. ومن أجل السيطرة على أرباح تجارة الشاي، سعى البرلمان البريطاني للقضاء على المنافسة الأجنبية عن طريق سن تشريعات تقضي باستيراد الشاي إلى المستعمرات عن طريق بريطانيا العظمى فقط.، مما أدى إلى شراء الشاي عن طريق التهريب بنصف قيمة الشاي البريطاني. رافق هذا عدد من الإجراءات الضريبية التي جمعت الإيرادات لصالح التاج البريطاني وفرض العقوبات على المستعمرات التي تقوم بشراء الشاي المهرّب مما أدى إلى ارتباط الشاي إلى الأبد مع الأعمال الثورية. والتي تعتبر حفلة شاي بوسطن أشهرها على الإطلاق. وتعد مجموعة لوحات زيتية تظهر مكانة الشاي في مجتمع المستعمرات من أبرز محتويات المعرض. بالإضافة إلى أعمال قدّمت من قبل المتحف الوطني للفنون، أرشيف ماريلاند الحكومي والجمعية التاريخية في شيكاغو. وهناك أعمال أخرى معروضة كوعاء السكر الفضي من مجموعة فاولر والمصنوعة من قبل الصائغ بول ريفيري وموقعة من وطني بوسطن وهي توضح دور الشاي في المظاهرات الوطنية. وهناك مجموعة مذهلة من سفن الشاي مع كافة تفاصيلها تكشف عن استمرار شعبية المشروبات في الثقافة الأمريكية في يومنا هذا.


الشاي والإمبراطورية

جلبت شهية البريطانيين المتزايدة أرباحا طائلة للتاج البريطاني وشركة الهند الشرقية. وقد تم اكتشاف الشاي المتأصل في التاريخ كسلعة عالمية في أوج الإمبراطورية البريطانية. وتم تطوير مزارع واسعة المساحات في شمال الهند، والربط بين الشاي وتجارة الأفيون الهندي. تظهر الصور التاريخية حفلات احتساء الشاي في كلكتا وإنتاج الشاي في دارجيلنج، في حين تظهر المنحوتات الحجرية المشاركة في مراحل عملية تحضير الأفيون. الأعمال النهائية في هذا المقطع تبيّن الحوارات المستمرة عن الشاي في علاقته بالسياسة، الزراعة، الصحة والمجتمع اليوم. الإعلانات مثل إعلان " الشاي يحييك" حوالي عام 1939 و الذي مصدره انكلترا يظهر مفاهيم القرن الـ 20 لاستخدام الشاي، بينما تحرّك الأعمال الأخرى في القسم النهائي الاهتمامات المعاصرة بحركة التجارة العادلة.